سليمان بن الأشعث بن إسحاق بن بشير الأزدي السجستاني، أبو داود، إمام أهل الحديث في زمانه، أصله من سجستان. ولد سنة (202هـ) رحل رحلة كبيرة، وتوفي بالبصرة سنة (275هـ).
جمع أبو داود في كتابه هذا جملة من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد بلغت أحاديثه 5274 حديثـًا ، وكتابه السنن صنفه وانتقاه من خمسمائة ألف حديث . وقد وجه أبو داود همه في هذا الكتاب إلى جمع الأحاديث التي استدل بها الفقهاء ، ودارت بينهم ، وبنى عليها الأحكام علماء الأمصار ، وتسمى هذه الأحاديث أحاديث الأحكام وقد قال المؤلف في رسالته لأهل مكة : فهذه الأحاديث أحاديث السنن كلها في الأحكام ، فأما أحاديث كثيرة في الزهد والفضائل ، وغيرها من غير هذا فلم أخرجها . وقد رتب كتابه على الكتب ، وقسم كل كتاب إلى أبواب ، وترجم على كل حديث بما قد استنبط منه عالم وذهب إليه ذاهب . وعدد كتبه 35 كتابـًا ، ومجموع عدد أبوابه 1871 بابـًا . والكتاب فيه الأحاديث المرفوعة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم والأحاديث الموقوفة على الصحابة ، والآثار المنسوبة إلى علماء التابعين . درجة أحاديثه : أمَّا عن مدى صحة أحاديث سنن أبي داود ، فقد قال أبو داود في ذلك : ذكرت فيه الصحيح وما يشابهه ويقاربه ، وما كان فيه وهن شديد بينته ، وما لم أذكر فيه شيئـًا فهو صالح ، وبعضها أصح من بعض . وقد اختلفت الآراء في قول أبي داود: " وما لم أذكر فيه شيئًا فهو صالح " هل يستفاد منه أن ما سكت عليه في كتابه هل هو صحيح أم حسن؟. وقد اختار ابن الصلاح والنووي وغيرهما أن يحكم عليه بأنه حسن ، ما لم ينص على صحته أحد ممن يميز بين الصحيح والحسن وقد تأمل العلماء سنن أبي داود فوجدوا أن الأحاديث التي سكت عنها متنوعة ؛ فمنها الصحيح المخرج في الصحيحين، ومنها صحيح لم يخرجاه، ومنها الحسن، ومنها أحاديث ضعيفة أيضًا لكنها صالحة للاعتبار ، ليست شديدة الضعف ، فتبين بذلك أن مراد أبي داود من قوله " صالح " المعنى الأعم الذي يشمل الصحيح والحسن، ويشمل ما يعتبر به ويتقوى لكونه يسير الضعف. وهذا النوع يعمل به لدى كثير من العلماء، مثل أبي داود وأحمد والنسائي، وإنه عندهم أقوى من رأي الرجال. وإذا نظرنا في كتابه نجده يعقب على بعض الأحاديث ويبين حالها ، وكلامه هذا يعتبر النواة الصالحة التي تفرع عنها علم الجرح والتعديل فيما بعد ؛ وأصبح بابـًا واسعـًا في أبواب مصطلح الحديث.
1- اشتمل الكتاب على الصحيح والحسن وهو الأكثر واشتمل على الضعيف أيضا، ولهذا ينبغي التأكد عند العزو إليه وعند الاستفادة منه في العمل والبحث، ولا بد من عرض أحاديثه على قواعد الجرح والتعديل. 2- عني بذكر الطرق واختلاف الألفاظ وزيادات المتون. 3- ركز أبو داود عنايته على جمع الأحاديث التي استدل بها فقهاء الأمصار. 4- انتقى في كل باب مجموعة قليلة من الأحاديث خشية الإطالة. 5- لا يكرر الحديث إلا إذا اشتمل على زيادة مهمة. 6- قد يختصر أبو داود بعض الأحاديث للتركيز على موضع الاستدلال. 7- كثيرا ما يشير إلى العلل الواردة في الأحاديث. 8- قد يحكم أبو داود على الحديث، وكثيرا ما يسكت عن ذلك، قال في رسالته لأهل مكة في وصف سننه: «وما لم أذكر فيه شيئا فهو صالح، وبعضها أصح من بعض»، ومن العلماء من قال: إن ما سكت عنه أبو داود صحيح، ومنهم من قال: إنه حسن، والصواب عدم القطع بحكم عام في ذلك، وإنما يجب دراسة أسانيدها والحكم عليها في ضوء قواعد الجرح والتعديل.